الصحافة الشعبية
الأرض كلها وطني ... والعائلة البشرية عشيرتي
الخاسر الأكبر: المعارضة
شكلت المعارضة معا جبهة موحدة ولم أفهم كثيرا اسباب عدم انضمام الغد للجبهة، كما لم أفهم ما هو التنسيق الذي اعلنوا انهم سيقومون به سواء فيما بينهم او مع الاخوان، ولكن ما كان ظاهرا للجميع هو غياب أي تنسيق مشترك حقيقي ولا اي مظهر من مظاهر تحالف سياسي اللهم الا بعض المؤتمرات الصحفية أو جملة (الجبهة .....) التي تكتب أحيانا وتنسى غالبا ، والأمثلة متعددة على حالة عدم التعاون بينهم فمثلا: (خالد محيي الدين خسر مقعده امام مرشح الاخوان ، وفي احد دوائر المنيا - على ما اعتقد - تمت انتخابات الاعادة بين الوفد والتجمع، والامثلة كثيرة على تواجههم مع الاخوان او مع الغد او حتى فيما بينهم، كما لم ارى شعارا موحدا يستخدمه اعضاء "الجبهة")
لذلك فانني لا اعتقد انه كانت هناك فعلا جبهة معارضة موحدة، ولكن كانت هناك مجموعة من الكيانات الصغيرة تتنافس بشكل اساسي مع الحزب الوطني (بمستقليه طبعا) وبشكل جزئي تتنافس مع الاخوان ومع بعضها البعض، ولكن كقول الشاعر (تعددت الأسباب والموت واحد) حيث بالرغم من عدم التنسيق فانني اعتقد انه لم تكن هناك اختلافات كبيرة بينهم في اسلوب إدارة حملتهم الانتخابية وبالتالي أسباب فشل هذه الحملة، وفي اعتقادي ان المعارضة لم تكن تمتلك أي من الأدوات التي استخدمها كل من الحزب الوطني والاخوان
ومن المهم أن نحاول أن نقرأ معا مظاهر فشلهم، قبل أن نبحث في أسباب الفشل، وأعني هنا الحملة الانتخابية أكثر مما أعني فشلهم في الوصول إلى المقاعد
1- اعتدنا سابقا على التزوير المباشر الذي تقوم به الحكومة، وكان من المعروف أنه بعد كل انتخابات ستعلن المعارضة أن الانتخابات مزورة ولا تعبر عن ارادة الشعب وانهم لم يستطيعوا الوصول للبرلمان بسبب هذا التزوير، ولكن الأمر مختلف هذه المرة، نعم كان هناك تزوير مباشر (أي وببساطة تغييرنتيجة التصويت) وكان هناك الكثير من عمليات التزوير غير المباشر (البلطجية واقفال اللجان وترهيب الناخبين والرشاوي الانتخابية وما شابه) ولكن مع كل ذلك لا تستطيع المعارضة أن تعلن أن السبب الوحيد لنتائجها الهزيلة هو التزوير، ببساطة لان الاخوان تعرضوا لما تعرضت له المعارضة ومع ذلك فان نتائجهم تقارب عشرة أضعاف احزاب المعارضة مجتمعة، أو على الأقل هذا ما يراه المواطن العادي
2- لاشك عندي ان المعارضين تعرضوا لوسائل كثيرة لحجبهم عن الناخبين، مثل نزع الدعايات او منع المؤتمرات والى اخره، ولكنني لا اعتقد ان الدعاية السلبية كان لها دور حقيقي في فشلهم، لا اعتقد ان الشعب لم ينتخبهم لانه لا يريدهم او انه يعتقد انهم ملحدين وكفرة وفاسدين ولصوص و..و..و لكن ببساطة لم تكن اسماءهم معروضة للمنافسة، لم يكن هناك من يفكر هل ننتخب فلان المعارض ام فلان الاخواني ام فلان الوطني؟ هذا السؤال لم يكن محل بحث، واعتقد انه كان نجاحا كبيرا لاجهزة الحكومة التي ارادت بوضوح ان تظهر انه لا بديل لها الا التيار السياسي الاسلامي، كان الناس يتجادلون عن الاخوان والوطني ولا يعلمون بوجود طرف ثالث
3- لاحظت مثلا ان واحدة مصرية قد دعت الى انتخاب المعارضة بالاسكندرية بل ونشرت اسماء مرشحيهم، واعتقد انها بذلت مجهود كبير في ذلك، ولكنها ذكرت انها ذهبت يوم الانتخابات تبحث عمن تنتخبه وتخشى ان تنتخب مستقلا تابعا للوطني !!! لم أعرف ان كان ذلك بسبب عدم وجود مرشحين للمعارضة في دائرتها ام لانها لم تستطيع الوصول الى اسمائهم
مثل اخر عند صاحب الأشجار الذي ذكر انه قبل يوم الانتخابات كان يسعى جاهدا للوصول الى معرفة اية شخصيات معارضة في دائرته وعندما وصل لأسماء على الانترنت اكتشف يوم الانتخاب ان احدهم غير موجود بالقائمة فسعى لان يبعد صوته عن الوطني والاخوان وكفى (بالمناسبة يا عمرو يبدو انك كنت تنتخب في مدينة نصر ولا اعرف ان كنت علمت ان الغد قد رشح باسل عادل الحيوان في هذه الدائرة ام لا، عموما انا لم اكن اعرف ان هناك مرشح للوفد في دائرتي الا منك)
تكررت القصص عند مدونين من الواضح انهم من المعارضين (وليسوا من الاخوان) في رحلة للبحث عن مرشح يصلح للانتخاب وكان بحثهم يمتد الى لحظة وقوفهم خلف الستار وهم ممسكين بورقة الانتخاب!! نحن نتحدث هنا عن شباب متحمس راغب في المشاركة، الكثير منهم خاطر بالكثير في مظاهرات ومسيرات وتعرضوا لوسائل قمع متعددة ومصرين على الاستمرار، فان كان هؤلاء لم يعرفوا من هم مرشحين المعارضة في دوائرهم، فهل كان لهؤلاء أمل في النجاح؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
مع احترامي لكل من ذهب الى الانتخابات آملا أن يفوز أحد غير الوطني والاخوان، ولكنه حتى يوم الانتخاب لم يكن يعرف من سينتخب (وقد كنت اصر دائما على القيام بذلك في عدد من الانتخابات السابقة) هل يعتقد أن صوته حقا له تأثير؟ صحيح أنه حرم مرشح يرفضه من أن يحصل على صوته، وربما أثر على امكانية ان يتم تزوير صوته، ولكن هل يمكن لذلك أن يغير من نتيجة التصويت؟ صراحة ما اظنش
4- النتيجة الواضحة ان المعارضة العلمانية لم تكن مطروحة اصلا في الشارع المصري !! و لا اعتبر ذلك الا فشلا كبيرا لتنظيمها للانتخابات، من السهل ملاحظة ان المعارضة كانت تفتقر للتمويل وكانت تتعرض لضغوط هدفها تهميش وجودهم مع تركيز واضح من الحكومةعلى اسقاط بعض الرموز مثل ايمن نور او كمال خليل، ولكن يظل في اعتقادي ان سبب الفشل الحقيقي يعود الى سوء ادارة الحملة لنحاول ان نراجع معا ما الذي لم يقوموا به او كان يجب ان يتم بشكل مختلف لتحقيق نتائج افضل
- للحديث بقية -
أ. سلاح المال والذي ظهر في الدعاية الكثيفة بالاضافة الى الرشاوي الانتخابية وهي مبالغ ضخمة دفعت للناخبين أحيانا من خزانة الدولة مباشرة مثل حالة وزارة الانتاج الحربي اذا ثبت صحة ما قيل، وأحيانا من ميزانيات لا نعرف مصدرها وقدمت في صور نقدية وعينية للناخبين وقد رصد طق حنك وواحدة مصرية مظاهر هذه الرشاوي
ب. الأداة الرئيسية الثانية كانت البلطجة وقد تركز استخدامها اساسا في المرحلة الثانية للانتخابات وهي أسلوب مطور لما جرى في انتخابات عام 2000، حين قام ضباط الداخلية بمنع الناخبين من الانتخابات ان لم بكن "يبدو عليهم" انهم سينتخبون مرشحي الوطني، هذه المرة تم تأجير بلطجية للقيام بذلك في احدى المدونات ذكر انهم من المجرمين الذين تم الافراج عنهم من السجون خصيصا للمشاركة في هذا اليوم وكان تصرف وزارة الداخلية هو التصرف السلبي بالوقوف في موقف المتفرجين لما يحدث وايضا رصد لنا طق حنك هذه الظاهرة، أما في المرحلة الثالثة واعادتها فقد عادت الدولة الى استخدام الداخلية، وتندرج ايضا تحت بند البلطلجة فلا يوحد فرق كبير باستثنا ء ان البلطجية المحترفين يتلقون مقابل مادي لهذه المشاركة بينما ضباط وجنود الشرطة يتلقون فقط الاوامر للتنفيذ
ج. الأداة الثالثة كانت اعطاء مساحة حرية اكبر من المعتاد لجماعة الاخوان المسلمين وكان ذلك يخدم اهداف محلية انتخابية مثل دفع الاقباط لانتخاب مرشحي الوطني خوفا من فوز الاخوان، وعلى الصعيد العام فانه يرسل رسالة للجميع (الشعب المصرى والحكومة الامريكية) في انه هذا هو البديل الوحيد المطروح، فاهربوا بجلدكم وتعالوا الى احضان الوطني
د. التضييق على المرشحين الاخرين من عمليات ازالة لدعايتهم او تحجيم مؤتمراتهم الانتخابية بعكس الباب المفتوح على البحري لمرشحي الحزب الوطني
ه. الأسلوب الاخير كان عملية التزوير المباشر والتي تعني اعلان نتائج مختلفة عن ارادة الناخبين واعتقد ان هذا لم يكن الاسلوب المستخدم على نطاق واسع ولكنه كان بهدف مساندة
2- اللاعب الرئيسي الثاني كان الاخوان المسلمين، ويمكن تسميتهم بأكبر الفائزين عن جدارة فقد استفادوا بقوة من مساحة الحرية التي سُمحت لهم واعلنوا نفسهم على الملأ في الانتخابات واعتقد انها المرة الاولى في التاريخ التي يعلن فيها الاخوان المسلمين علنا مشاركتهم في الانتخابات، سواء في مصر أو أية دولة أخرى، واستطيع ان اقول انهم يشكلون تيارا اكثر مما يمثلون انفسهم، وهو ما يطلق عليه التيار السياسي الاسلامي، وهم في ذلك بعكس الحزب الوطني اقرب الى الحزب السياسي وان كانوا يمثلون تيارا عاما اكبر من التنظيم نفسه نظرا لغياب اي قوة دينية اخرى على الساحةن ومن أهم الأدوات التي استخدموها للفوز:
أ. يرى هذا التيار ان الدين الاسلامي يحمل حلول مباشرة وصريحة لكل المشاكل وهو صلاح الدنيا بالدين أي انه اذا التزمت الدولة بقواعد الدين فان مشاكل الشعب تحل سواء نتيجة تطبيق قواعد الهية هي صحيحة لا جدال في ذلك لقدسية مصدرها، او تحل المشاكل بالارادة الالهية كمكافآة للمؤمنين على تطبيق شرع الله (تحل البركة) أو لان مشاكلنا مصدرها الله كعقاب على عدم الالتزام بتعاليمه فتحل المشاكل عند عودتنا الى الطريق المستقيم (يرفع الله غضبه) وهو ما لخصه هذا التيار بشعار "الاسلام هو الحل" وهذه المفاهيم تجد صدى واسع عند كل من يشعر بالعجز امام مشاكلنا الراهنة ولا يجد لها مفر الا اللجوء لله حيث لم يصبح في مقدور البشر تقديم البديل، وهذا التيار يعلم ان قوته في المبدأ وليس في التفاصيل ويعلم ايضا ان الشعب البسيط لن يدرك التفاصيل الكثيرة التي يمكن ان يتباحث فيها "المثقفون" وهم قلة في الشعب لذا فانه يتحاشى دائما الدخول في اية تفاصيل – وفي النقاش على
ب. ايضا استخدم الاخوان سلاح المال ولا اقصد الرشاوى الانتخابية التي لم اسمع عنها، ولكن اتحدث عن الدعاية الكبيرة التي تمت في كل مكان بلافتات تحمل ذات الشكل (لافتات سوداء تحمل شعار "الاسلام هو الحل") وهذه الدعاية المنتشرة في كل مكان تكلف الكثير من الاموال كما ذكر احد المدونين عن المعاناة التي كانوا يتحملونها لتدبير التمويل لحملة احد مرشحي الجبهة، ومن غير الواضح ما هو مصدر هذا التمويل فهل تملك الجماعة امكانيات مالية كبيرة تسمح لها بهذا الانفاق ام ان كل مرشحيها من ذوي الثروات التي تمكنهم من ذلك ام من تبرعات البسطاء التي لا اعتقد انه يمكن ان تجمع هذه المبالغ الا اذا كان القائم بذلك جهاز قوي وعلى درجة عالية من التنظيم ام انها من رجال اعمال متعاطفين مع التيار، كل هذه الاجابات تحمل الصواب والخطأ ولكن المؤكد ان مرشحي الجماعة كان تحت يدهم امكانيات مالية كبير غير متوفرة لدى غيرهم
ج. اداة الحزب الوطني في "ارهاب" الناخبين بمقولة اما نحن او الاخوان كانت ذاتها اداة الاخوان للنجاح فقد اعتمد كل منهم على كره فئات شعبية كبيرة للطرف الآخر، فان كان الوطني قد ارهب الافباط والعلمانين، فان ذات المبدا ساعد كل مواطن "قرفان" من الحكومة ونوابها اللصوص من انتخاب الاخوان ليس حبا فيهم ولكن كرها في الحكومة
د. الاداة الاخيرة كانت هي الاداة الشعبية وقد نجحوا في ذلك في عدد من الدوائر وهو دفع اعداد كبيرة الى الشارع لاظهار الدعم لمرشحيهم سواء في محاولة لايقاف بلطجية الحزب الوطني او للضغط على لجان الفرز لاعلان النتيجة الحقيقية دون تزويركما ان مرشحي الاخوان لم يكتفوا باللافتات المعلقة بالشارع فتخبرنا
واحدة مصرية ان اثنان من "الاخوات" قد مروا عليها بالمنزل ليدعوها لانتخاب مرشح الاخوان، واثنان من الاخوة في انتخابات الاعادة ، مما يشير الى انهم يتحركون في عملية منظمة ومن المعروف ان الداخلية تتقاعس عن تسليم مرشحي المعارضة سجلات الناخبين فلم ينتظر الاخوان ارسال رسائل بعد استلامهم الكشوف بل انهم مروا على المنازل في ليلة الانتخابات او صباح ذات اليوم اي في اخر فرصة ولكن يهمني هنا ان اوضح انه بالرغم من قدرة الاخوان التي ظهرت على الدفع باعداد كبير من الناخبين للتصويت لهم او للتظاهر من اجلهم وكانوا الاقوى في تحريك الشارع بهذا الشكل بين كل القوى الا انه من المهم ملاحظة نسب المشاركة الانتخابية التي لا تزال هزيلة بما يؤكد انه لا الاخوان ولا غيرهم قد نجح حتى هذه اللحظة من السيطرة على الشارع المصري وتحريكه بفاعلية، ولا تزال مقولة الاغلبية الصامتة هي المعبر الحقيقي عن الشارع المصريتحديث: وردت بعض تقارير تقول أن الاخوان قد استخدموا أيضا أسلوب البلطجة في بعض الدوائر، وفي تحقيق تليفزيوني ظهر مجموعة من الشباب المصابين اصابات بالغة قالوا انهم من حزب التجمع - دائرة كفر شكر - وقد تعرضوا لاعتداءات جسيمة من اخوان مسلحين بادوات كثيرة، في الحقيقة ان هذا التحقيق كان على قناة النيل للاخبار :) وبالتالي ليست له مصداقية كبيرة، فان كان عند احد معلومات اكثر دقة فليته يفيدنا عن اشتراك الاخوان مع الوطني في هذه الأداة أيضا من عدمه
- أما عن الخاسر الأكبر (المعارضة: الجبهة والغد) فللحديث بقية –