Friday, May 19, 2006

اليائسين والمحبَطين

إلى كل اليائسين والمحبطين - وأنا أعلم أنني أحدهم - أكتب ما سيأتي لأذكر نفسي وإياهم ببعض الحقائق والأفكار:
  • قامت ثورة 1919 بأكبر تحرك شعبي في تاريخ مصر، وقد تحرك الشعب تأييدا لترشيح سعد زغلول رئيسا لوفد يمثل مصر في مطالبة الدول المنتصرة في الحرب العالمية الأولى بحق مصر في الاستقلال عن بريطانيا، وكان الرد على الشعب بالقبض على سعد ونفيه واستمرت الثورة وظهرت قيادات أخرى
  • القي القبض على بعضهم ونفي آخرون وعذب البعض وقتل أخرون واستمرت الثورة، اضطر الانجليز الى اعادة سعد لتهدئة الأمور ثم سمحوا لمصر بدستور وبرلمان واعلان استقلال نظري وتغير الكثير الا الهدف الحقيقي للثورة وهو خروج القوات الانجليزية من مصر، اما هذا الحلم فقد تحقق بعد قيام الثورة بـ 37 عاماً !! وتحديداً عام 1956
  • فهل تم الجلاء بسبب ثورة 52 فقط ام بسبب كل ما حدث خلال الاربعين سنة السابقة، هل نبتت ثورة 19 من العدم ام انها نتاج الكثير من الحركات الوطنية التي كانت تتحرك ولو بفاعلية أقل خلال الاربعين سنة السابقة عليها؟
  • خلال الخمسين عاما الماضية لم يتحرك الشعب المصري ليقل {لا} للحكام في الشارع الا في مرات محدودة لا اعتقد انها تزيد عن أحداث (54-67-71-77) وفي كل مرة كانت تحدث انتفاضة لا تزيد عن ايام محدودة، وكل هذه الانتفاضات على حد علمي كانت تتم في القاهرة فقط، هل هذه الانتفاضات هي كلا شئ؟ انا لا اعتبرها كذلك ، بل اعتبر انها كان لها دور كبير في البقاء على هذا الشعب حيا، وعلى الحكام على دراية بان الضوء ليس اخضر على طول الطريق
    خلال الخمسين عاما الماضية لم تتح للشعب المصري ان يستخدم وسائل الاعلام لإعلان رأيه في الحكام الا في فترة محدودة في نهاية عهد السادات وكانت نهايتها اعتقال كل من خالفهأقصى ظهور للمعارضة في وسائل الاعلام والذي تم في عهد السادات كان عن طريق الصحف فقط وبعض المساجد
  • خلال الاربعين عاما الماضية لم تكن المعارضة غير الاسلامية ذات صوت مسموع في مصر
    فما الذي يحدث الآن؟

أما ما يحدث بالشارع الآن فليس له مثيل في الماضي القريب أو على الأقل في حياة أغلب من هم بالشارع الآن، أستعير بعض العبارات من أنباء الاسبوع الماضي (أغلب الأخبار من موقع كفاية):


- حشود ضخمة من قوات الشرطة تحاصر حوالي الستين ناشطا من كفايه وقوى سياسية مختلفة (60 ناشطا برعبون الحكم لدرجة تستدعي ارسال "الحشود")
- طوال ساعة لم يستطع المتظاهرون التحرك إلا لنصف كيلو متر تقريباً (حركة بطيئة وأعداد قليلة ولكن هناك حركة)
- فإضطرت قيدادات الشرطة لإخراج عناصرها من داخل دار القضاء ليحتشدوا خارجه مع باقي القوات (هناك تراجع من الأمن وهو أمر غير مألوف)
- وشهدت المناطق القريبة من دار القضاء مظاهرات متفرقة لنشطاء الإخوان وكفايه والقوى السياسية، لكن سرعان مايتم تفريقها وسحلها بقسوة بالغة
- في حديث مع القاضي هشام البسطاويسي قال " امرأة قالت لي لقد حضرت من السويس خصيصا لمصافحتك"
- طوال الإسبوع وشرطة مبارك تستعد لحصار ليس فقط وسط القاهرة..بل مداخلها أيضاً
- نشطاء كفايه في أسوان قد إفتتحوا يوم التضامن الشعبي مع قضاة مصر بمظاهرة ضمت العشرات من النشطاء والمحامين أمام المحكمة الكلية
- وفي الإسكندرية حوصرت مداخل المدينة والشوارع الرئيسية فيها
- سحل مظاهَرة نظمها الإخوان في شبين الكوم
- اعتصام في نقابة المحامين الفرعية بالاسماعيلية

  • الشعب نزل إلى الشارع منذ ما يقارب سنة ونصف باعداد قليلة جدا في البداية ولكنها أخذت تتزايد ليس تزايدا مستمرا على طول الخط ولكن لا شك في ان ما يحدث الان هو اكبر بكثير مما حدث في 12 ديسمبر 2004 المعارضة العلمانية برغم فشلها الذريع في انتخابات مجلس الشعب (وهي انتخابات غير نزيهة بكل المقاييس) الا انها لا تزال ذات وجود قوي في الشارع أو على الأقل وجود أقوى بكثير من السابق
  • بالرغم من كل مشاكل وضعف حزب الغد إلا أنه يظهر كقوة ليبرالية معارضة لأول مرة في مصر من عام 52، وهو أمر يرعب الحكومة بشدة ويجعلها تتصرف معه بكل عنف ممكن خوفا من أن ترى فيه الولايات المتحدة بديلا للنظام القائم
  • الدولة تتعامل مع ما يحدث بعنف شديد! ماذا يعني هذا؟ ان الحكومة تسيطر جيدا على الوضع؟ لا يبدو ذلك هو الواقع، ان عنف هذه الصورة في نظري يدل على خوف النظام
    (الصورة من رويترز)

  • لم تعد الحكومة قادرة على الاحتكار الكامل لوسائل الاعلام كما كان الوضع في السابق لا تزال تعمل في التاثير على الاعلام مثلما تضغط على الجزيرة ولا زال هناك من ابناء شعبنا الطيبون من يصدقوهم ولكن لا شك ان الوضع الان يختلف عن السابق
    الدولة مرعوبة من أجهزة الاعلام، ان كاميرا صغيرة مثل هذه قد حركت كل هؤلاء !!!!! ترى كم من كاميرا اصبحت موجودة في كل مكان وكم من القوات تحتاج لغلق عدساتها؟؟؟


(الصورة من نورا يونس)

  • الشرطة تضرب وتعتقل وتسحل و...... هذا واضح ولكن كما نرى الشرطة تهاجم في "المضمون" لا تتحرك قوات الشرطة الا اذا كانت نسبتهم العددية اكبر بكثير من المتظاهرين، فرجال الشرطة كما نعلم جيدا ليسوا من قوات الصاعقة او الفدائيين او من يدافعون على قضية، هم بس "بيعملوا شغلهم" وطبعا ده له حدوده وزي ما احنا شايفين ان اقل نسبة بيتحركوا بها هي 1:2 ولكنها تصل عادة الى 5-1:6 اذن بحسبة بسيطة من عدد قوات الأمن نستطيع ان نعرف عدد المتظاهرين القادرين على جعل الأمن لا يتحرك من مكانه (مما سمعته عن مظاهرات 18/5 انه في عملية تفريق احدى المظاهرات كان الأمن يوسعهم ضربا وهم لا يتحركون)



(الصورة من نورا يونس)

  • وماذا عن تحرك الاخوان المسلمين الاخير؟ حسبما أرى فان حركة القضاة لاقت اجماعا شعبيا كبيرا وحركت الشارع، ولم يتحرك الإخوان في البداية لانهم لا يتحركون من دون أوامر قيادتهم (فهم اكثر تنظيما من أن يجد أحدهم قضية وطنية فيقرر مساندتها من دون صدور أوامر القيادة) وعندما رات قيادتهم حجم التأييد الشعبي وانها من المرات النادرة التي لا يكونون متمثلين فيها بأكبر نسبة معتقلين صدرت الأوامر الى الأتباع ليملأوا الشوارع، ويصححوا النسب، ما هي نتيجة ذلك؟ تأخرهم في النزول إلى الشارع أعطى باقي القوى ثقلا جديدا بالشارع ونزولهم في النهاية أعطى قوة لكل الحركة في مواجهة الدولة، وأعتقد أن زيادة أعداد المتظاهرين تشجع أخرين على الانضمام بغض النظر عن الانتماءات، لذا فان نزولهم حتى وان كان متأخرا الا انه له الكثير من الفوائد
  • ما ينطبق على الاخوان ينطبق على القوى الخارجية، فان كان من مصلحة الولايات المتحدة وأوربا أن تدعم الاصلاح فسيفعلون ولنا ان نستفيد من ضغوطهم وان تقاطعت مصالحهم مع مصلحة الحكومة فسيتراجعون عن أية ضغوط وعلينا أن نصمت ونكتفي بقدراتنا الذاتية، فلا يجب ان نتوقع منهم ان يعملوا ضد مصلحتهم وفي ذات الوقت فاننا نرحب بمن يتعاطف معنا سواء كان من امريكا ام من ايران ام من موزامبيق فلا فرق، لذا فانني افضل كثيرا الا تصدر الحركات المختلفة الكثير من البيانات والتصريحات والتعليقات عن العالم الخارجي خلينا في اللي احنا فيه وبعدين نبقى نشوف الدنيا البرة بتمشي ازاي

    كل هذا الذي يحدث اليس هو مقدمات ثورة أكبر من الكثير مما حدث في تاريخنا خلال المائة عام الماضية؟
    هل يمكن التقليل من قيمة هذه الأحداث؟
    اذن فلماذا أشعر ومعي الكثيرون بالاحباط؟
    هل لأننا لم نعد نحتمل النظام القائم وعمايله؟
    هل لأننا نريد التغيير ان يتم في التو واللحظة؟

    أكيد أن شعار "كفاية" في حد ذاته هو تعبير عن الحالة التي وصلنا لها جميعا، ولكن ببعض التفكير المنطقي يجب أن نعي أن الأربعين ألف حرامي لن يستسلموا بهذه السهولة بل إنهم قادرون على القتال إلى أبعد كثيرا من هذا، وعلى ما يبدو فان العامين القادمين سيكون لهم ذكر كبير في تاريخ مصر فالمتوقع أن يتم فيهم تعديل الدستور وقد تحدث بهما انتخابات برلمانية ورئاسية جديدة، الدستور بالطبع سيكون تفصيل جديد على مقاس الحرامية بل وسيشهد تراجعا في الحريات العامة وهو ما سيكون مدعاة لقتال كبير سيدخله البعض وسيتراجع أخرون مكتفين بما قاموا به حتى الآن، لا أستطيع ولا يستطيع أحد أن يلومهم، ولكن التغيير سيتأثر بمن سيواصلون وأيضا بمن سيشاهدون
    هل التظاهر هو الوسيلة الوحيدة للتغيير بالطبع لا، ولكن ما هي الوسائل الأخرى؟ أعتقد إن هذا مما يجب أن نسعى للبحث عنه حتى تكون هناك مجالات أخرى للمساهمة في التغيير


حاولت أن اضع صورة بها أمل للغد ولكن أعتقد أن احساسي بالمرارة لما يتعرض له الناس في الشارع ولوجود أصدقاء لي في المعتقل يجعلني غير قادر على الحديث بطريقة مختلفة

Wednesday, May 10, 2006

يا تجولنا يا نجيلكم







Tuesday, May 09, 2006

إلى متى


الاعتقالات مستمرة*
النظام الغبي لن يستسلم إلا بعد أن ندفع ضريبة كبيرة
فشكرا لمن يدفعوا الضريبة عنا
    الاعتقالات في تزايد
    انتهاكات حقوق الانسان تتضاعف
    القمع والبطش يجتاح كل من تسول له نفسه الكلام في الطريق
      كل هذا لا يمكن الا ان يكون
      بداية النهاية
      ولكن كم من الوقت سيمر حتى نصل للنهاية
      ؟
        الجواب يرتبط عكسيا بعدد من يتركون منازلهم وينضموا لمن نزلوا بالشارع
          ولكل الصامتون، نعود إلى قصيدة مولر الخالدة
            "عندما أوقفوا الشيوعيين لم أقل شيئاً لأنني لم أكن شيوعياً،
            ثم جاءوا من أجل اليهود ولم أقل شيئاً لأنني لم أكن يهودياً،
            وعندما جاءوا من أجل الكاثوليك لم أقل شيئاً لأنني برتستانتياً،
            ولما جاءوا أخيراً من أجلي، لم يتبق أحد ليقول شيئاً
            "
              First they came for the Communists,
              and I didn’t speak up, because I wasn’t a Communist.
              Then they came for the Jews,
              and I didn’t speak up, because I wasn’t a Jew.
              Then they came for the Catholics,
              and I didn’t speak up, because I was a Protestant.
              Then they came for me,
              and by that time there was no one left to speak up for me

                ا*لمن لا يعرف: حملة الاعتقالات الحكومية مستمرة ضد المتظاهرين الذين لا يقومون بأي شئ سوى التعبير السلمي عن رفضهم لحكم الدكتاتور حسني مبارك، وتأييدهم لمطالب "نادي قضاة مصر" المطالبة باستقلال القضاء من خلال اصدار قانون جديد للسلطة القضائية، ورفض التحقيق مع القضاة الشرفاء الذين أدانوا تزوير الانتخابات البرلمانية