ماذا حدث؟
اندهش الكثيرون من الفشل الكبير للمعارضة في الانتخابات الأخيرة (وأنا أعني بالمعارضة في هذه التدوينة المعارضة العلمانية سواء بشكلها الحزبي أو بالحركات المستقلة)، ولا أدعي انني كنت أتوقع ما حدث، ولا أنني كنت أعرف ما يجب أن يفعلوه حتى تتغير تلك النتيجة، ولكن طالما اننا في قعدة سفسطة، فلا مانع من أن نحاول جميعا اعادة قراءة ما حدث
دائما ما تكون القراءة الأولى متعجلة للوصول للنتائج، فكنا نرى ما يحدث ولكننا لا نتوقف عنده كثيرا تعجلا لرؤية النهاية، أما في القراءة الثانية فاعتقد انه قد اصبح لدينا الكثير من الوقت لمراجعة ما حدث والتفكير فيه، أو بالأصح محاولة الرد على سؤال
دائما ما تكون القراءة الأولى متعجلة للوصول للنتائج، فكنا نرى ما يحدث ولكننا لا نتوقف عنده كثيرا تعجلا لرؤية النهاية، أما في القراءة الثانية فاعتقد انه قد اصبح لدينا الكثير من الوقت لمراجعة ما حدث والتفكير فيه، أو بالأصح محاولة الرد على سؤال
what went wrong?
1- كانت هناك الكثير من التوقعات أن تحقق المعارضة نتائج أعلى من المعتاد في هذه الانتخابات، وسبب هذه التوقعات يعود إلى تنامي الحركة الداعية إلى التغيير ونزولها إلى الشارع وقيام المظاهرات وظهور الكثير من الحركات التي لم يعد أحد يعرف عددها ولم يكن الاعلام أو حتى المشاركون في المظاهرات يهتم كثيرا بمنظمي المظاهرة قدر الاهتمام بالهتاف ضد الحكم، وباستثناء حزب التجمع الذي قاطع المظاهرات لفترة ثم عاد والاخوان المسلمين الذين تركوا بعض رموزهم يشاركوا فقط ليقولوا نحن هنا ولكن دون أن يشاركوا بقوة وفاعلية قد تقوي الحركة وينسب الفضل لغيرهم باستثناء هذان الاستثناءان فلا أعتقد أنه كانت هناك قوة معارضة مصرية لا تشارك في هذه الأنشطة، وكان من المتوقع أن تستغل هذه الحماسة لدعم رموز المعارضة المشاركة في الانتخابات، ولكن ذلك لم يؤتي بثمار تذكر، فلماذا؟
1- كانت هناك الكثير من التوقعات أن تحقق المعارضة نتائج أعلى من المعتاد في هذه الانتخابات، وسبب هذه التوقعات يعود إلى تنامي الحركة الداعية إلى التغيير ونزولها إلى الشارع وقيام المظاهرات وظهور الكثير من الحركات التي لم يعد أحد يعرف عددها ولم يكن الاعلام أو حتى المشاركون في المظاهرات يهتم كثيرا بمنظمي المظاهرة قدر الاهتمام بالهتاف ضد الحكم، وباستثناء حزب التجمع الذي قاطع المظاهرات لفترة ثم عاد والاخوان المسلمين الذين تركوا بعض رموزهم يشاركوا فقط ليقولوا نحن هنا ولكن دون أن يشاركوا بقوة وفاعلية قد تقوي الحركة وينسب الفضل لغيرهم باستثناء هذان الاستثناءان فلا أعتقد أنه كانت هناك قوة معارضة مصرية لا تشارك في هذه الأنشطة، وكان من المتوقع أن تستغل هذه الحماسة لدعم رموز المعارضة المشاركة في الانتخابات، ولكن ذلك لم يؤتي بثمار تذكر، فلماذا؟
في رأيي فان الحكومة قد قامت بحركة تزوير منظمة ضد هؤلاء الرموز بصفة خاصة، فلم يكن من الطبيعي أن يخسر أيمن نور في الجولة الأولى للانتخابات، ولا كمال خليل، ولكن كما قال طق حنك في إحدى تدويناته الجميلة، اذا دخل كمال خليل المجلس فعلا تبقى مسخرة :) قررت الحكومة أنها لن تسمح لهؤلاء الرموز بالوصول باي ثمن، هذه نقطة
نقطة أخرى أن عدد هؤلاء "الرموز" هو نسبيا قليل فمن بين 444 مقعد يتنافس عليها المرشحون لا أعتقد أن عدد المرشحين ممن كان يشارك بفاعلية في المظاهرات والأنشطة المعادية للحكم (حتى ولو كانوا ممن يركبون الموجة كما يقول البعض) لا أعتقد أن عدد هؤلاء يزيد على أصابع اليدين، وبالتالي فلم تكن مهمة الحكومة في اسقاطهم بالأمر الهام الذي يثير الاحراج داخليا أو خارجيا
2- كان من المفترض أن تجمع عدد كبير من الحركات المعارضة أن يعطي قوة لبعضهم البعض في اية انتخابات، ولكن ذلك لم يكن له تأثير ظاهر في الشارع المصري، فمن ناحية لم يكن التنسيق على المستوى المطلوب حتى ان المعارضة كانت تتنافس مع بعضها البعض في بعض الدوائر، ومن ناحية أخرى، لم يكن للمعارضة "الموحدة" أي اشارات لتوحدها في الشارع، لم يكن لهم شعار واحد، لم يكن لهم أي شكل دعائي مشترك، ان وجود الدعاية المشتركة تضاعف من تأثيرها فان كنت مثلا من دائرة ما، ولم ترى دعاية للمعارضة في دائرتك ولكنك في تحركك ما بين الأحياء المختلفة تلاحظ دعاية موحدة لحركة المعارضة فان ذلك سيدفعك لان تبحث في دائرتك عن الدعاية التي تشابه ما رأيت في الدوائر اخرى، في وسط غابة الاعلانات الموزعة كان يصبح من السهل أن تكتشف دعاية ذات شكل وشعار موحد من أن تسعى لقراءة كل ما هو مكتوب
بالرغم من تعدد تنظيمات المعارضة إلا أنني استطيع أن ادعي ان الناصريين وكفاية والغد كانوا اقوى العاملين على الساحة مؤخرا، فهل صدفة أن الناصريين هم من يرفعون شعارا واضحا ومفهوما من الجميع وهو صورة واسم عبدالناصر؟ من بين الحركات الكثيرة التي ظهرت مؤخرا (خارج الأحزاب) هل من قبيل الصدفة أن تكون حركة كفاية هي الأشهر (ولا اقول الأقوى) الحركة صاحبة الشعار المبتكر البسيط المفهوم، تحاول الآن اضافة باطل الى الشعار ولكنه لم يلقى لا هو ولا أي شعار آخر جاذبية شعار "كفاية"، أما عن الغد فبغض النظر عن اللون البرتقالي الذي لا أعتقد أنه حقق له الكثير فقد كان إلى ما قبل الانتخابات الرئاسية هو الحزب الوحيد الذي يتحرك بأسلوب مخطط أكثر من غيره، وكان الوحيد الذي يدعي تقديم بديل وهو أيمن نور مهما كثرت الخلافات حوله، ولكن عند حدوث الخلاف حول شخصه تراجع الحزب إلى صفوف باقي الأحزاب الهشة، وقد بدا على أيمن نور أنه قد ضعف كثيرا مؤخرا (أو بالمصري نفسه انقطع) وذلك لا ينبئ بالخير لا لمستقبله السياسي ولا لمستقبل حزب الغد.
3- تصرفات المعارضة كانت توحي انهم كانوا منهمكين الى درجة كبيرة في انتخابات الرئاسة، وبعد أن انتهت قضوا بعض الوقت يحاولون استيعاب ما جرى ثم اكتشفوا ان هناك انتخابات برلمانية يجب دخولها!!! احترمت كثيرا رد الاخوان على المعارضة حين عرضوا عليهم الانضمام الى الجبهة الموحدة حين اعلنوا انهم قد انتهوا من اعداد مرشحيهم وشعارهم ودعايتهم، فلا يمكن لهم الآن ان يقرروا الانضمام الى تلك الجبهة، ولكنهم أعلنوا امكان التنسيق معهم من باب اللياقة (ولم تظهر أية مظاهر لهذا التنسيق)، في اعتقادي فان الاعداد للانتخابات من قبل المعارضة قد بدأ متأخرا جدا (بالمناسبة هل يعلم أحد متى تحل انتخابات التجديد النصفي لمجلس الشورى – والتي يشترط على الحزب الذي يريد ترشيح أحد أعضائه للرئاسة أن يكون حاصلا على 5% من هذا المجلس أيضا؟)
فترى هل هناك تخطيط يجري الآن داخل صفوف المعارضة لما هو قادم، أم أنهم يعملون فقط بأسلوب رد الفعل؟
4- في اعتقادي فان عدد مرشحي المعارضة كان صغيرا نسبيا، فالتنافس يتم على 444 مقعد وعلى الرغم من ذلك فانني اعتقد ان مرشحي المعارضة لم يتخطى المائة (لست متاكدا من دقة الرقم فليت هناك من يصوبه) وأرى أن هذه مشكلة كبيرة فكيف تريد من الشعب أن يصدقوا انك تريد تغيير نظام الحكم وانت لا تملك 444 مرشح للبرلمان؟ كيف تدعي المعارضة انها تمثل قطاعات عريضة من شعب يبلغ تعداده حوالي 75 مليون وهي لا تملك 444 مرشحا؟ كيف يشعر الناس أن هناك حركة تريد أن تتولى حكم البلاد وإدارة شعب يبلغ تعداده 75 مليون، وهي لا تملك 444 كادرا يصلح لعضوية المجلس؟ وما زاد الطين بلة اننا لا نتحدث عن حزب واحد بل عن كل تشكيلات المعارضة المصرية العلمانية مجتمعة !!!!!!
5- مهما ادعى الكثيرون فلابد ان نعترف ان حركة المعارضة الحالية هي حركة مثقفين لا تزال بعيدة عن باقي فئات الشعب، ان شعبنا الطيب مستعد لان يتبع المثقفين بدرجة عالية، لقد كنت أرى بوضوح نظرات الحيرة في عيون جنود الأمن المركزي وهم يصطفون أمام المتظاهرين كلنا نعلم أنهم سينفذوا أية أوامر تقال لهم، ولكنهم لم يكونوا في وضع تحفز ضد المتظاهرين أو ارتياح لموقعهم تستطيع أن ترى ذلك في عيونهم ولكن المثقفين لا يزالون يتحدثون مع انفسهم او مع القوى الاخرى دون ان يتوجهوا بخطابهم إلى الشعب الحقيقي الذي نجح النظام عبر 50 عاما من أن يخرج السياسة الداخلية من دائرة اهتماماته اليومية ويحيده في كل ما يتم، فاين تفاعل المعارضة مع هؤلاء في الجامعات والأندية والمقاهي والنقابات الخ .....
يدعي البعض ان الشعارات الدينية تجتذب "البسطاء" فاستطاع التيار الديني ان يسيطر عليهم ويحركهم كما يريد، فليتنا نتفق على المقصود بهؤلاء "البسطاء" هل المقصود هو غير المتعلمين والفقراء؟ في هذه الحالة فانا لا اتفق مع التفسير، ألم نرى جميعا كيف أن التيار الاسلامي يكتسح نقابات المهندسين والأطباء والصيادلة؟ هل هؤلاء من الأميين الفقراء؟ هل هي صدفة ان نقابة الصحفيين من أقل النقابات الكبرى التي يتواجد فيها التيار الاسلامي؟ ولا أدعي أن هناك تيارا اخر يشكل تهديدا حقيقيا لهم هناك ولكنني فقط أدعي ان قدراتهم تضعف كلما ارتفع مستوى الثقافة، ان الجهلاء هم أصعب الفئات على المثقفين أن يتفاعلوا معهم، والجهل ليس مرتبطا بمستوى التعليم ولا المستوى المادي، وهذا هو التحدي الحقيقي لحركة المعارضة، أن تكسر حلقة الجهل التي ندور فيها منذ سنين طويلة، وهو ما لم تنجح فيه المعارضة حتى الآن
6- كانت مشكلة التمويل من المشاكل الظاهرة التي يمكن أن تعطي بعض العذر للمعارضة بل قد يعتبرها البعض نقطة في صالحهم، ولكن افتقارهم إلى "القوى البشرية" هو أمر يحتسب ضدهم، علما أن استخدام الأفراد كبديل للتمويل يحقق نجاحا في العديد من عمليات الدعاية
7- كنت أتوقع أن يكون استخدام المعارضة للانترنت هو بشكل أكبر مما تم، صحيح أنه كانت هناك بعض الدعاية لبعض المرشحين ولكن لم يكن هناك ظهور واضح للمعارضة مثل موقع رئيسي واحد يساعد في توجيه الباحثين عن مواقع المرشحين وبرامجهم (طبعا لأنه لم يكن هناك برنامج موحد :) ) ولكن فشل بعض المدونين في التعرف على مرشحي المعارضة في دوائرهم - وهم من المفترض أنهم من ذوي الخبرة في التعامل مع الكمبيوتر - فهو دليل على فشل حملة المعارضة في هذا الموقع الذي كان من المفترض أن لهم ميزة نسبية قوية فيه.
8- أعرف أن الحكومة تؤخر تقديم الكشوف الانتخابية للمعارضة ولكن أين الكشوف القديمة التي استخدمت في الانتخابات السابقة أو حتى في الانتخابات الرئاسية السابقة؟؟ لماذا تعطيني المعارضة الاحساس دائما أنها تبدأ كل مرة من الصفر، وأنها لا تخطط لأبعد من اللحظة الراهنة؟
كانت هذه بعض ملاحظات على أسلوب ادارة المعارضة لحملتهم الانتخابية، ولكن لا شك ان هناك الكثير الذي يجب أن يبحث عنه
5 Comments:
ملاحظات سليمة و سديدة و يمكن تلخيصها في أن المعارضة مكانتش واخدة الموضوع جد من أساسه
ملاحظة أخرى، ابتعد الاخوان عن منافسة أقوياء الحزب الوطني مثل الشاذلي و سرور، كان من الممكن للمعارضة تحقيق مكاسب اعلامية و سياسية و حفظ ما وججهها لو نزلت في هذه الدوائر و ركزت عليها و قامت بمعركة انتخابية جادة، لا أظن كان بامكنهم الفوز لكن كان بامكانهم الترويج لفكرة أن المعارضة العلمانية هي صاحبة السقف الأعلى و دورها السياسي مهم حتى لو خسرت الانتخابات (فكر في المكسب اللي حققه أيمن نور من مشاركته في انتخابات الرئاسة).
بس توضيح، كمال خليل لم تكن عنده فرصة جادة في الفوز، و أغلب المشاركين في حملته فهموا هذا، الغرض من حملة كمال خليل كان استغلال حجة الانتخابات لبدء العمل الجماهيري داخل امبابة، و كمال قال الكلام ده بنفسه للأهل امبابة أكتر من مرة.
كمان المعارضة كانت بتعمل حاجات غريبة توحي أنها مش جبهة واحدة زي مثلاً ترشيح نشوى الديب (ناصري) أمام كمال خليل!!
متهيألي أهم نقطة هي رقم 5 عن بعد المعارضة عن الشارع
للأسف هي دي الحقيقة و اللغة اللي بتتكلم بيها المعارضة مش بيفهمها غير المثقفين
قرأت هذا المقال أيضاً و اعجبني
http://harakamasria.org/node/4268
في نفس السياق
توضيح موقف كمال حليل اسعدني لانه يظهر ان هناك من بين المعارضة من ينظر لابعد قليلا من اللحظة الراهنة، وليت يكون هناك تخطيط اكبر لما هو قادم
بخصوص "رموز الوطني" لم استطع ان احسم المعادلة ما بين المكسب الدعائي حتى لو كسبوا هذه الدوائر وبين ان يصبحوا بذلك يخدمون الحرس الجديد، لان هؤلاء "الرموز" مقضي عليهم لانتمائهم للحرس القديم، وبالتالي الا يكون من الافضل ان نتركهم هم يستهلكون جهدهم في معاركهم الداخلية بدلا من ان نخوضها عنهم
صراحة لا اعرف اي هو القرار السليم
Here are some links that I believe will be interested
Post a Comment
<< Home