Thursday, October 27, 2005

أين الطريق

مررنا بتجربة قوية في الاسكندرية مؤخرا أثارت في أغلبنا الكثير من الهواجس حول مستقبل أمتنا
وفي ذات الوقت تستعد البلاد للدخول في انتخابات برلمانية كان من المنتظر ان تسبقها حملة انتخابية متميزة لم تشهدها البلاد منذ أمد بعيد
القضيتان شديدي الأهمية
الأولي : تخص حياة "عنصري الأمة" وتعايشهما معا وهو أمر أثير كثيرا وسبب الكثير من الكوارث سابقا سواء في مصر أو بلاد أخرى ولا شك انه موضوع يحتاج الى المصارحة وإلى فتح كثير من الأبواب المغلقة حتى لو كانت الروائح التي ستنبعث من خلف هذه الأبواب ستسبب الإعياء للكثيرين
هذه القضية ليست قضية مسرحية او بعض أراء ولكنها عن طبيعة العلاقة بين مسلمي ومسيحيي مصر وبالتالي فهي تخص مستقبل مصر لسنوات طويلة
الثانية : انتخابات تحدث في مرحلة خاصة في تاريخ مصر نعلم جميعا انها لا تدور في وسط ديمقراطي حقيقي وانها ستؤدي لا محالة الى فوز الحكومة (المسماة الحزب الوطني الديمقراطي) بالسيطرة على أغلب مقاعد البرلمان وبالتالي ادارة الدفة السياسية لخمس سنوات قادمة
وفي ذات الوقت فان هذه الانتخابات تحت اشراف قضائي نسبي وفي وسط انتفاضة كبيرة للمثقفين يمكن ان تؤدي الى وجود عدد لا بأس به من المعارضة في المجلس كما ان ذلك سيكون له تأثير على مسار انتخابات الرئاسة القادمة والكثير من المتغيرات على الساحة السياسية المصرية خاصة في مرحلة تستعد فيها الفئة الحاكمة الى تمرير الكثير من الامور الخاصة بمستقبل البلاد من دستور وتوريث و.....الخ
ترى اي القضيتين اولى باهتمامنا خلال الاسابيع القادمة؟؟؟؟
فهل الاحداث الطائفية ستلهينا عن المسار السياسي أم ان الانتخابات لا يجب ان تلهينا عما هو اكبر تاثيرا؟

Monday, October 17, 2005

صدف


صدف غربية تحدث دائما في بعض أوقات خاصة رأيناها كثيرا فيما ما مضى، ومؤخراً عادت للظهور بشكل مثير للقلق

من عاصر الفترة الأخيرة من حكم الرئيس السادات قد يذكر كيف طورت الجماعات الاسلامية نشاطها من الصراع مع حركات الطلبة ذات الاتجاه اليساري لتبدأ صراعاً مع السادات بعد قيامه بمبادرة السلام وبدأت هجوماً عنيفاً على السادات وسياساته...

ولكن وفي تلك الفترة وعلى سبيل "الصدف" تحركت بعض الجماعات في اتجاه آخر ضد المسيحيين لتبدأ عمليات حرق الكنائس وخطف الفتيات وما شابه (سواء كانت تلك أحداثا حقيقية أم شائعات فقد حققت ذات الغرض) وقد توج ذلك في نهاية عصر السادات بموقعة الغسيل الشهيرة التي انتهت بالأحداث المأساوية للزاوية الحمرا والتي انتهت – حسب البيان الرسمي – بمقتل 6 من المسيحيين و 4 من المسلمين وكان ذلك مقدمة اعلان السادات لقرارات 5 سبتمبر التي ألقى فيها القبض على أفراد من جميع الاتجاهات السياسية والدينية وقد أعطيت تبريرات كثيرة لهذه القرارات فيما بعد (مثل تهديد اتفاقية السلام مع اسرائيل على سبيل المثال) ولكن من عاصر تلك الفترة ربما يتذكر انه لم تكن هناك احداث ذات شأن "معلنة" الا احداث الزاوية الحمرا وكان الهدف "المعلن" للقرارات هو الحفاظ على الوحدة الوطنية (بينما أعلنت فيما بعد أسباب أخرى مثل منع اسرائيل من استخدام أي حجج لوقف الانسحاب)
وكانت "صدفة" اندلاع اضطرابات طائفية بين عنصري الأمة هي ما فتح الطريق أمام السادات أولا لتحويل نشاط الجماعات الاسلامية في اتجاه أخر غير السعي إلى الحكم وفي ذات الوقت سمحت له باتخاذ قرارات استثنائية اعتقل بموجبها كل من سولت له نفسه معارضة حكم السادات

ولكن الرياح قد أتت بما لا تشتهي السفن وحدث ما حدث بعد ذلك من تطورات دفع الرئيس السادات حياته ثمناً لها. عموما كان ذلك فيما مضى واعتقدنا أن الحكم الجديد قد تعلم الدرس وعرف خطورة اللعب بالنار والذي قد يؤدي الى اضطرابات في نومه هو في غنى عنها ، خاصة وأن الحكم الحالي قد تبنى السياسات العثمانية القديمة التي تهدف الى تجميد كل اشكال الحياة النشيطة في الدولة ليستغرق الجميع في النوم العميق وتمر ثلاثون سنة على سهوة من غير ما حد ياخد باله، ولكن تطورت بعض الأمور في الفترة الأخيرة هددت بايقاظ النائمين...

وجدنا احداثا جديدة تتوالى في العام الاخير فعندما قررت الحكومة المصرية أخيراً القبول باتفاقية الكويز، والكل يعلم ما قد يثيره ذلك من قلاقل ضد الحكومة أيا كان موقف أي منا من الاتفاقية، ولكن من سبيل "الصدف" السعيدة للحكومة أن حركة الاعتراض الجماهيرية كانت أقل بكثير من كل التوقعات وفي الأغلب فان ذلك نتج عن حدوث "صدفة" غير متوقعة في ذات التوقيت وهو اندلاع بعض الأحداث فيما عرف بقضية وفاء قسطنطين وتصرف الأمن في ذلك الوقت تصرفات مريبة كانت تؤدي الى اشتعال الموقف دون تفسير واضح لما يحدث وتبعته أحداث بالفيوم والمنيا، وقد "تصادف" ان اندلعت تلك الاحداث إبان زيارة الوزير الاسرائيلي للقاهرة والتوقيع على الاتفاقية وبعد انتهاء الزيارة انتهت الأحداث بفضل حكمة رجال الأمن الذين تصرفوا بمنتهى الحكمة للقضاء على أحداث الفتنة

وطالعتنا في الأيام الأخيرة جريدة الاسبوع – المحسوبة على وزارة الداخلية المصرية – بالحديث عن مسرحية قام بها شباب من الاسكندرية تتحدث عن بعض العلاقات بين المسيحيين والجماعات الاسلامية، لم تذكر الجريدة على حد علمي أن هذه المسرحية تمت منذ أكثر من عامين وأن الموضوع لم يكن له علاقة بالاسلام بل ببعض الجماعات الارهابية لأن هذه تفاصيل لا تهم أحدا والحقيقة انها لا تهمني أنا أيضا ولكن ما يهمني هو محاولة معرفة "الصدفة" الخاصة بهذه المناسبة، هل ياترى انتخابات مجلس الشعب والتي تتطلب ان الشعب "يتلهي" في بعض الأمور الأخرى هي سبب هذه "الصدفة"، أم ما أعلن من أن الحزب الوطني بعد صراع طويل بين أعضاؤه على الترشيح كما يحدث كل مرة لم يرشح سوى اثنان من المسيحيين، أم ياترى مطبخ الحكومة يقوم باعداد طبخة جديدة وقد بدأت "الصدف" في الظهور قبل ظهور رائحتها!!
ويا خوفي من الرائحة التي "تتصادف" مع مثل هذه القضايا الغريبة، ومن النتائج التي تنجم عن اللعب بالنار

Saturday, October 08, 2005

مصلحة من

بالرغم من أن الرأي العام وربما جهات كثيرة قد يكون لهم تأثير على مجريات الأمور السياسية في العالم، ولكن لعلنا نتفق في أن مصلحة الحكومات تكون عادة المحرك الرئيسي للسياسة العالمية
ومن هذا المنطلق دار بذهني تساؤل عن مصلحة الحكومات في انتهاء المجازر واستتباب امن في العراق، لا شك أن مصالح الحكومات تتعارض حينا وتتفق حينا، ولكن لنحاول التفكير في مصلحة الدول التي قد يكون لها تاثير في مجريات الأمور
.
- الدول العربية: لقد عارضت أغلب الحكومات العربية التدخل الأمريكي في العراق وبالرغم من أن هذه المعارضة كانت مستأنسة تماما وهي تعكس في الواقع عجزهم عن أن يكون لهم أي دور فاعل على المستوى المعلن، ولكن من جهة أخرى فأنا أعتقد فعلا في معارضتهم الحقيقية لهذا التدخل لسبب بسيط وهو "ان البيته من زجاج ... لازم يحترم نفسه" ان هذا التدخل يخيف أغلب الحكام العرب على اختلاف اتجاهاتهم خوفا من أن يصبح مقدمة للتدخل في باقي الدول، بل انني استطيع ان اقول ان عدم استقرار الوضع الأمني في العراق يصب في مصلحة الحكومات العربية اذ انه يعلن رسالة واضحة لحكام الولايات المتحدة ومن قبلهم الرأي العام الأمريكي من أن احتلال دولة عربية واسقاط حاكمها ليس نزهة وخسائرها على الجانب الأمريكي ستكون كبيرة
.
- إيران: ليس من مصلحة الحكومة الايرانية وجود الجيش الأمريكي على حدودها الغربية وهو يشكل خطرا كبيرا عليها وبالرغم من ان استتباب الأمن في العراق قد يكون الوضع الأمثل لانسحاب الجيش الامريكي الا انه في ذات الوقت يشكل خطرا حقيقيا اذ ان الولايات المتحدة قد تستغل هذا الهدوء على الجبهة العراقية لبدء الهجوم على ايران، بالاضافة الى ان الولايات المتحدة متواجدة بالفعل على الحدود الشرقية لايران في افغانستان والحدود الشمالية في قواعدها بتركيا وجنوبا في أسطولها في الخليج، وبالإضافة إلى اشتراك ايران مع الدول العربية في ذات المصلحة - في هذا الموضوع - فانها اكثر منهم ميلا الى أن تظل الجبهة العراقية مشتعلة مما قد يعيق الخطط الأمريكية لمهاجمة ايران لصعوبة فتح جبهة جديدة
.
- سوريا وتركيا وايران: تشترك هذه الدول في تخوفها الشديد من السعي لاقامة دولة كردية مستقلة في شمال العراق والتي ستصبح فيما بعد المنغص الحقيقي لاستقرار المنطقة باكملها وليس فقط تقسيم العراق ولكن تقسيم الدول الثلاث أيضا، وفي ظل الاوضاع الغير مستقة في العراق حاليا يصبح من الأرجح أن قرار التقسيم سيؤجل خوفا من اشتعال الموقف الى درجات يصعب السيطرة عليها وتجد الولايات المتحدة نفسها طرف عسكري مباشر في هذا النزاع نظرا لوجود قواتها على الأرض
.
- الولايات المتحدة: دون الدخول في تفاصيل نظرية المؤامرة، ومن وجهة النظر" المصلحية " ألا تؤدي هذه الحرب إلى زيادات كبيرة في الانفاق العسكري وكان لها دورا ليس قليلا في ارتفاع اسعار البترول؟ (الجهات التي دعمت بوش في حملته الانتخابية كانت شركات البترول وشركات السلاح - وكان من أهم اسباب فوزه في المرة الأولى على آل جور هو دعم لوبي السلاح الذي هو اللوبي الوحيد الذي يتفوق نفوذه على اللوبي اليهودي الذي دعم آل جور، ناهيك عن الاسنثمارات المباشرة لأعضاء الادارة الامريكية في هذه الشركات والتي رفضوا بيعها عندما تولوا السلطة كما هو معتاد مع الادارات الامريكية السابقة) ومن الجهة الاستراتيجية والعسكرية والاقتصادية فان استمرار وجود الجيش الأمريكي في العراق يساعد في السيطرة على أحد أكبر احتياطيات البترول العالمية ويجد موقع متقدم عسكريا قرب مناطق النزاع في الشرق الاوسط بصفة عامة وايران بصفة خاصة وقرب الحدود الجنوبية لاوربا - في حال انضمام تركيا - وبالرغم من ان اوربا لا تزال تصنف على انها حليفة للولايات المتحدة فانه ولاشك ينظر اليها نظرات شك على المدى الطويل
.
- القاعدة: بالرغم من انها ليست حكومة رسمية الا انها جهة فاعلة على الساحة العالمية ومصبحتها لا تحتاج إلى إيضاح
.
ترى من تبقى ليساند الشعب العراقي على تخطي هذه المحنة التي يدفع ثمنها كل يوم أفراد لا ذنب لهم سواء من الشعب العراقي أو حتى الجيش الأمريكي؟
ان المرحلة المقبلة لو لم تشهد نمو قوي في ثقافة شعوب العالم وزيادة دورهم في صياغة سياسات الدول فاننا لن نرى سوى استمرار المآسي في كل مكان في العالم ،
ان استمرار التعامل مع الثقافة والسياسة على أنهم من الأنشطة المترفة لبعض الفئات المحدودة العدد مع عالم تشابكت مصالحه إلى أقصى درجات التعقيد لن يكون من مصلحة هذا الكوكب