Monday, July 25, 2005

طلبات الاخوان

أبدع جار القمر وسقراط في دعوة تفيدة للزغرطة وكانت المناسبة هي التصرفات والتصريحات غير المفهومة لجماعة الاخوان المسلمين
وفعلا أصبحت تصرفات هذه الجماعة أمرا مثيرا للعجب، لقد قدموا أنفسهم منذ ما يزيد عن النصف قرن على أنهم جماعة دينية تعتبر السياسة هي جزء من نشاطها وأن أهدافها هي أكبر من ذلك كما أفادنا المرشد العام للجماعة حاليا على صفحات مجلة اخر ساعة، ويبدو أن محرري المجلة قد أحرجوا السيد المرشد العام عندما وضعوا في العناوين عنوانا مثيرا نصه
"نؤيد ترشيح مبارك وأتمنى الجلوس معه"
وقد أثار ذلك العنوان حفيظة المرشد العام وقال في جريدة الشرق الأوسط أن هذا تحريفا لكلامه لأنه قال أنه لا يمانع من تأييد حسني مبارك إذا ما حقق 4 شروط وهي
الغاء حالة الطوارئ
تغيير قانون الأحزاب
الافراج عن المعتقلين السياسيين
الغاء المحاكم الاستثنائية
وعندئذ يمكن تأييد الرئيس حسني مبارك
وبالرجوع الى الحديث المنشور في اخر ساعة والذي لم أسمع من المرشد العام اعتراضا على ما نشر به سوى العنوان فافترضت صحة باقي المنشور، وجدت أن المنشور فيما يتعلق بموضوع حسني مبارك هو ما يلى
هل تؤيد ترشيح الرئيس حسني مبارك لولاية جديدة؟
ليس عندي مانع وهو صاحب السلطة المطلقة 'التشريعية والتنفيذية والقضائية' علي أن أجلس معه لنتشاور في مصلحة هذه الأمة في إلغاء قانون الطواريء، ومناقشة قانون الاحزاب، والافراج عن جميع المسجونين السياسيين، وإلغاء المحاكمة الاستثنائية، وهو صاحب السلطة ولا يستطيع أحد في مصر أن يحقق هذا إلا هو، إذا تحقق ذلك لا مانع عندي أبدا في ترشيحه
وهو ما يتفق كثيرا مع ما ذكر في جريدة الشرق الأوسط ويبدو أنه الأقرب إلى الصواب
وبغض النظر عن الكثير مما جاء بالحديث فقد لفت نظري مقدمة هذه القطعة التي تشير إلى فهم واعي للمرشد العام لحقائق الأمور في مصر، حيث يصرح ان حسني مبارك هو صاحب السلطة المطلقة التشريعية والتنفيذية والقضائية ولا يبدو أن ذلك قد أثار حفيظة المرشد العام في أي شئ !!!!ا
فهو لا يمانع أن يبقى الوضع على ما هو عليه "سلطة مطلقة في يد حاكم فرد" بشرط تحقيق شروطه الأربعة
وهنا أعتقد أننا يجب أن نتسائل عن حقيقة موقع الإخوان المسلمين من الحياة السياسية المصرية
على المستوى الرسمي فان جماعة الاخوان المسلمين هي جماعة محظورة ويبدو أن كلمة محظورة هذه لها معاني غير المعنى الذي أعرفه وصراحة لم أجد أي تعريف يمكن ان يشرح الوضع الذي تتعامل به الجهات الرسمية مع هذه الجماعة
ففي العديد من المناسبات تم القاء القبض على بعض الافراد وكانت تهمتهم هي الانتماء الى جماعة الاخوان المسلمين المحظورة أو احياء جماعة محظورة (وكانها ماتت من قبل) وعلى الجانب الآخر
تقوم مجلة اخرساعة المملوكة للدولة المصرية باجراء حديث مع السيد مهدي عاكف وتعرفه بانه المرشد العام لجماعة الاخوان المسلمين وبعد تقديم طويل يشيد ببطولة السيد مهدي عاكف يكتب في مقدمة المقال:ا
وفي مقر جماعة الاخوان المسلمين (المحظورة) علي نيل المنيل
أي أن هذه الجماعة المحظورة ليست جماعة سرية
عموما هذا موضوع جانبي يشير إلى أن هناك علاقة ما بين الجماعة والحكومة من الصعب على مبتدئ مثلي ان يستطيع تعريفها
ولكن ماذا عن المستويات غير الرسمية
نحن نعلم منذ سنوات عدة وتحديدا منذ عهد الرئيس السادات أنه أصبح هناك تواجد لجماعة الاخوان المسلمين
لم يكن دائما الوجود القوي الظاهر وقد ظهرت عدة جماعات أخرى تحترف الاسلام السياسي ويزيد صوتها على صوت الاخوان خاصة في الربع قرن الماضي لكن كان الاخوان المسلمين يظهرون ويختفون، وكانهم الحاضر الغائب في كل المناسبات
ولفترة ليست بالقصيرة اُعتُبر تيار الاسلام السياسي انه التيار المعارض الحقيقي الوحيد على الساحة المصرية واذكر انه في احدى المرات في أواخر الثمانينات أراد بعض طلبة جامعة القاهرة أن يعقدوا مؤتمرا معارضا للنظام من مختلف فصائل المعارضة ولم تتدخل قوات الشرطة لفض هذا المؤتمر ولكن تدخل عدد من الطلبة الملتحين باستخدام الجنازير والحجارة وقاموا بالاعتداء على الطلبة وتفريقهم فهل كان التنسيق الى هذه الدرجة قائما مع الحكومة؟ لا استطيع ان اجزم بالطبع
ولكن ما اعرفه هو ان ما يعرف بالتيار الاسلامي كان ينظم العديد من المظاهرات - لم نكن متاكدين انهم الاخوان ولكن هكذا كان يطلق عليهم بالجامعة - ولكن كل المظاهرات التي يقومون بها كانت دائما تقوم على احداث خارجية مثل فلسطين والبوسنة وعادة ما كان يحرق العلم الاسرائيلي والامريكي في كل المظاهرات وباستثنناء عام 1990 عندما قامت المظاهرات لمعارضة الحرب ضد العراق والاعتراض على اشتراك مصر في هذه الحرب، فانه في كل المظاهرات لم نسمع اعتراضا على سياسة الحكومة المصرية
لم نسمع اعتراضا على الفساد
لم نسمع احتجاجا على حالة البطالة
لم نسمع شكوى من غلاء الأسعار
عفوا لا يعني ذلك انهم كانوا مؤيدين للحكومة لان شعاراتهم كانت عادة تكرر الهجوم على وزير الداخلية ورجال الشرطة والذين عادة ما كانوا يطلقون عليهم لقب الكلاب
- ومن اعتراضاتهم على المظاهرت الحالية هو استخدام الشتائم -
ولكن باستثناء معركتهم مع وزارة الداخلية لم نرى ابدا مشكلة حقيقية مع الدولة
رأينا الكثير من الشعارات مثل المطالبة بتطبيق الشريعة وما شابه ولكننا لم نرى ابدا تضامنا مع الشعب في اي شئ
لم يكونوا يتضامنون مع احد كانوا فقط يقودون حركة المعارضة
لا اعتقد انني قد سمعت لهم مطالب محددة حقيقية من قبل ولكن ها هو المرشد العام الذي يطلق على الجماعة انها
"أكبر هيئة إسلامية علي الساحة العالمية.. وأكبر هيئة مؤسسية علي نفس الساحة"
ها هو اخيرا يحدد المطالب التي يرى أن الرئيس الذي يملك جميع السلطات عليه ان يحققها
ها هي اخيرا طلبات محددة
انه يريد
اولا: الغاء حالة الطوارئ
ولاشك ان هذا مطلب شعبي مهم، ولكن هل حقيقة ان جماعة الاخوان قد عانت الكثير من هذا القانون وانه شكل قيدا قويا على تحرك أفرادها هو الدافع لهذا الطلب؟
ثانيا: تغييرقانون الاحزاب
لم يقل لنا ما يريد تغييره، فهل اذا سمحنا لانفسنا بتخمين طلباته، فهل نتوقع ان يكون الطلب هو السماح بانشاء الاحزاب الدينية وبالتالي السماح للجماعة بانشاء حزبها السياسي؟
ثالثا:الافراج عن المعتقلين السياسيين
وهو لا شك طلب في مصلحة حقوق الانسان ولكن هل ياترى ان طلبه هذا يهدف بالتحديد الى الافراج عن اعضاء الجماعة المعتقلين، وليس الى اي هدف اخر؟
رابعا:الغاء المحاكم الاستثنائية
مرة اخرى طلب يصب في خانة الدفاع عن حقوق الانسان، ولكنه ايضا يساعد الجماعة من التخلص من سيف وضع على عنق الكثير من اعضائها
هل هذه هي كل طلبات اكبر هيئة اسلامية على مستوى العالم؟؟؟
هل هذا يكفي لتاييد الرئيس حسني مبارك لاكمال 30 سنة في الحكم؟
حلل البعض الوضع على ان الجماعة هي اكثر الجماعات المعارضة خبرة على الساحة السياسية، لذا فهي تعرف كيف تستفيد من الوضع بوضع الطلبات التي تعتقد انها تستطيع الحصول على بعضها وتنصب الطلبات كلها في اعطاءها الفرصة للمزيد من التحرك في الفترة المقبلة عن طريق رفع القيود على تحركاتها
شخصيا لا اميل كثيرا لهذا الرأي
لاننا اذا ما رأينا ما تقوم به الجماعة خلال الاشهر القليلة الماضية نجد انها في حالة تخبط شديد الوضوح
ان ظهور حكات كفاية، والحركة الشعبية، وغيرهم الذين بداوا في قيادة حركة جماهيرية حقيقية
فقد كٌشف الكثير من اللاعبين السياسيين الرئيسيين وظهرت كل قوى المعارضة في موقع من تخاذل على اتخاذ مواقف حقيقية وعلى القدرة على تعبئة الشعب المصري ضد نظام الحكم الدكتاتوري
اختلف رد فعل الجماعات المختلفة كل على طريقته فمن انضم للحركات الجديدة ومن وققف موقف المتفرج
وما يعنينا هنا هو الاخوان
لقد حاولوا التحرك وحدهم واثبتوا انهم قادرين على تعبئة اعداد من المتظاهرين تفوق قدرة باقي الحركات مجتمعة ولكن الحكومة لم يرق لها هذا التصرف وقامت بعدد من الاعتقالات في صفوف الحركة ولا نعلم اذا كان تراجع الحركة عن الاستمرار في المظاهرات يعود الى خوفهم من الاعتقال وهم المنادين بانهم لا يتراجعون عن قول الحق مهما كانت الظروف ام ان هناك حسابات اخرى قاموا بها ليقررواعدم التظاهر منفردين باعداد كبيرة كما كانوا يفعلون
ولكنهم اختاروا ان ينضم البعض منهم في المظاهرات التي تقوم ويحرصون على اظهار وجودهم مثل قيام محمد عبدالقدوس بالآدان في وسط المظاهرة، ولكن في وسط هذه المظاهرات كان واضحا ان هناك قوى كثيرة اخرى متواجدة غير الاخوان اصبح لها دورا على الساحة
ثم حاولوا ان يشكلوا تحالفا يضم تيارات المعارضة تحت لواءهم ولم يتشجع احد على العمل تحت راية الاخوان
فالآن ظهروا بمن يغازل السلطة من جديد، ولا نعرف موقف السلطة الاخذة في التخبط هي الاخرى، ولكن آخر ساعة قد افردت مساحة ليست بالقليلة للمرشد العام ليظهر وجهات نظره، وكذلك وضعت بعض المقدمات التي تظهره بمظهر البطولة ولكن لا يمكننا طبعا الاعتماد على هذا في التعرف على موقف السطة منهم
ولكن ما أراه واضحا هو حالة التخبط التي تعيشها الجماعة التي يصفها مرشدها بأنها أكبر هيئة اسلامية على الساحة العالمية
لايرى أنه يجب مطالبة السلطة بمحاربة الفساد المتفشي في كل مكان
لايرى انه من الضروري تنحي مبارك عن موقعه لضمان وجود تداول سلمي حقيقي للحكم في مصر بعد ان قضى في موقعه 24 عاما
لا يرى انه يجب ان تتم اجراءات لمحاربة التضخم والبطالة والكساد والانهيار الاقتصادي الذي تمر به مصر
لا يقدم أي برنامج بديل يطالب الحكومة بالعمل به
انه لم يطالب باي شئ لصالح الوطن لقد قدم فقط طلبات من اجل مصلحة جماعته
ترى هل هذا هو ما تنبأ به فرج فودة في كتابة حوار حول العلمانية، حين طالب بالسماح بانشاء احزاب دينية لانهم عند نزولهم الى الساحة السياسية الحقيقية وسط التيارات الاخرى فعندئذ سينكشف فقرهم الفكري وفشلهم في ايجاد حلول حقيقية لمشاكل الوطن
كنت اعلم عن جماعة الاخوان تلونهم بكل اشكال الطيف للوصول الى اهدافهم، او كما عبر عنهم بكفاءة جار القمر حين وضع صورة مكيافيللي، ولكنني لم أكن أتوقع أن يقعوا في هذه الدرجة من التخبط والفشل

5 Comments:

At 25 July, 2005 20:34, Blogger From East to West said...

حين سوئل السيد المرشد العام عن الديمقراطية.....
* تنادون بالديمقراطية ولا تؤمنون بها بحجة أنها شعار أجنبي؟
اجاب....
.. إننا نؤمن بالديمقراطية إيمانا كاملا لأنها هي التي تأتي بانتخابات حرة نزيهة، أما بالنسبة للديمقراطية التي لا حدود لها والتي تقول أن رأي الشعب هو كل شيء نقول لها 'لا'.. رأي الشعب مقنن بشريعة..

أهذا يُعتبر ايماناً كاملا بالديمقراطية؟ وما هو تعريفه لديمقراطية؟ أهي نفس الديمقراطية التى تمتع بها د. فرج فودة؟ ديمقراطية فرض الوصاية وان لزم الامر بستخدام الجنازير والحجارة؟

 
At 26 July, 2005 11:03, Blogger Darsh-Safsata said...

from east to west
طبعا هذه نقطة مهمة، خاصة وانه نسي أن يوضح أن راي الشعب مقنن بتفسير الاخوان للشريعة

وفي نفس السياق أوضح أنه يرى أن هناك كثير من القيم الغربية الجيدة ودلل على ذلك بأنه يلبس الملابس الأوربية والكرافتة - شفتم بقى مفهومه للقيم

 
At 27 July, 2005 15:36, Blogger ايمان said...

باختصار سألت أحد الأصدقاء في السلك القانوني، ما رأيك في سامح عاشور و منتصر الزيات، قال بلا لحظة تردد، سامح عاشور سيخدم الكل بينما الزيات لن يخدم إلا الأخوان، و مع ذلك تجد من يعتقد فيهم رغم وضوحهم المتناهي في الجرأة

 
At 03 August, 2005 04:37, Blogger unknown said...

أنا كنت بتكلم مع صديق عن جماعه الاخوان
ولما سألنى عن رأىى قلتله دول ناس بيتنططوا عشان يأخدوا السلطه باى طريقه وأى وسيله من غير اى اعداد او تفكير
يعنى مبيقتش مسأله دين وتطبيق شريعه
والله اعلم

 
At 17 September, 2005 02:10, Anonymous Anonymous said...

ما ضر الورد أن لايطعم شذاه مزكوم الأنف وماضر الشمس أن لايراها من ليس ذا بصر

 

Post a Comment

<< Home