Saturday, July 23, 2005

رسالة إلى تيا

العزيزة الجميلة تيا غاندي

أكتب لكي هذه الرسالة وأنا أعلم أنك لن تقرئيها الآن بل ربما لا تقرئينها أبدا، ولكن إن حدث ووقعت في يدك بعد أن تعلمت القراءة أو بعد أن بلغت العشرين أو نحوها قد تعين أكثر ما تعنيه
في البداية لا أعلم اذا كنت تعرفين هذا الاسم الذي اناديكي به ام لا، فانا اعلم ان اسم غاندي ليس هو اسم والدك ولكنه الاسم الذي نعرفه به، في الحقيقة فنحن لا نهتم كثيرا بالاسماء والاشكال، بل قد تكتشفين اننا لا نعرف بعض ولهذا قصة طويلة
نحن نحيا في عالم مجنون أتمنى من قلبي ان يكون جنونه قد هدأ وانت تقرئين الرسالة، العالم يحيا في مرحلة ولا يعرف أحد إلى أين يتجه، أخر الأنباء الحزينة سمعتها صباح اليوم وأتتبع أحداثها وأنا أكتب رسالتي لكي حيث قام بعض المجانين بقتل اناس بلا أي داعي وذلك في وطننا مصر الذي أعتقد انكي ولدت فيه ولكن لا أعرف ان كنت لا زلت تحيين فيه ام لا، أنباء من الدمار والخراب والفساد تحيط بنا من كل مكان
ولكن ... وسط هذا العالم المجنون بدأت خلال الأعوام الماضية قصة عجيبة جميلة مثيرة، قصة كان والدك أحد روادها وفرسانها، هي قصة التدوين الذي قد تعتبرينه جزء من ماضي بعيد لم يعد أحد يعرفه أو يعيه، ولكن لنا كان يحمل طاقة أمل وبصيص نور
بدأ الكثيرون يستخدمون هذا العالم الافتراضي ليبعثوا به قصصهم وارائهم وأهآتهم وبين كل ذلك تجدين دائما أحلامهم
فأصبحنا نحلم بعالم أخر، نفضح عالمنا المجنون على أمل أن نصنع عالم عاقل، نشجع على العصيان على عالمنا الفاسد على أمل أن نصنع عالم نقي خالي من كل المساوئ التي ورثناها من أجيال سبقتنا وأخرى صنعها جيلنا بيديه أو ربما صنعته به الأقدار، ولكننا استطعنا ان نحيي آمال كنا نعتقد أنها ماتت فينا وكنا حتى وقت قريب نسير كالتائهين لا نعرف لنا طريق، فصنعنا هذا العالم، أو الأصح أنه صُنع لنا هذا العالم، الذي قد يعتبره البعض قصور في الهواء ولكنه لنا كان الطاقة التي تمدنا ببعض الهواء النقي الذي أصبح عزيز علينا في أيامنا هذه
وفي وسط دوامات من الاحاديث عما كان وما هو كائن وما يجب ان يكون، عالم من الفلسفات والنظريات والاتهامات عالم قصور الهواء الذي حدثتك عنه، ظهر لنا طيف جميل أتى من مدونة والدك – الذي نطلق عليه غاندي – كان هذا الطيف هو خبر انتظار وصولك إلى هذا العالم هذا الخبر الذي قدمه والدك برشاقة وجمال جعل بعض المدونين يبكون وأخرون يدعون وكل - كما قال رامي وهو أحد المدونين أيضا – كل بكى بطريقته ولكن الاكيد ان الجميع كانوا في انتظار وصولك بكل شغف وحب – قال والدك انه ينتظر وصولك خلال اربعين ساعة ولكنه قضى اربعة ايام قبل ان يزف لنا بشرى وصولك فلم نعرف بالتحديد تاريخ ميلادك ولكننا عرفنا فرحته بك التي اعلنها ايضا بمنتهى الجمال وجعلتنا جميعا نسعد بهذه الزهرة الجميلة التي تفتحت في وسط عالمنا العطشان الى الجمال، عن نفسي فور سماعي الخبر اتصلت بزوجتي لأزف إليها خبر وصول أميرتنا الجميلة وشاع بيننا جميعا جو من الفرح والسعادة أنسانا الكثير من مآسينا ولا شك أنه أنسى والديكي كل شئ سوى التأمل في النور الذي أشرق في منزلهما
كما أخبرتك من قبل نحن أصدقاء العالم الافتراضي الذي قد يكون أو لا يكون له وجود حقيقي فوالدك وأصدقاؤه وأنا وزوجتي وكل من نعرف قد لا يكون لنا وجود وان كان فربما هو مختلف تماما عن كل ما نعتقده عن الآخرين وربما يختفي البعض منا دون أن نعرف عنهم شيئا فنحن في النهاية افتراضيين ولكن ما أصبح مهم لي وربما لآخرين معي أن تكوني انت حقيقة وان لم نلتقي أبدا فالمهم اننا نؤمن انكي موجودة وانكي تمثلين شعاع نور هو أمل نريده جميعا ان يحيا ويكبر بداخلنا
في مدونة والدك كتب في يوم وصولك الكثير من الوعود كلنا قرأناها وتمنينا أننا كنا نحيا في عالم يعامل فيه الاباء ابناءهم على هذه الاساليب، وضحكنا وكل منا يتأمل في حياته ويفكر هل سيستطيع غاندي ان يفعل كل ما وعد به؟ واذا فعل هل ستعين أنت ما يفعل أم انكي ستكبرين وانت ناقمة على الأجيال القديمة التي لا تعرف شيئا كما يفعل كل جيل مع من سبقه
عموما انت امامك الحياة طويلة لترينها بعيونك انت وليس بعيون غيرك وحياة تصنعينها انت وليس من صنع اخر، نحن نحاول ان نقوم بما نستطيع لننقي العالم حتى متى جاء وقتك تكون مهمة بناءك للحياة أسهل، ولكننا لا نستطيع أن نعدك بذلك فكما أخبرتك نحن نحيا في عالم مجنون ولا نعرف كيف نعيده إلى صوابه وما نستطيع أن نعدك به هو أن نحاول ما نستطيع ولكي ولجيلك أن تكملوا الطريق ليت ذلك يخفف قليلا من نقمتك علينا فنحن نريد ان نترك لك عالما جميلا مثلك وسنبذل جهدنا لذلك
لقد قدم لنا والدك نظراتك الاولى للعالم، وبينما كان العالم ينظر اليكي اثق ان كل من شاهدك قد تمنى لكي الكثير الذي أرجو أن تناليه كله، عني فعندما قرأت كلمات والدك التي أعاد علينا فيها شعر جبران وهو يقول (أولادكم .... مع أنهم يعيشون معكم ، فهم ليسوا ملكا لكم) عندئذ تمنيت لكي "الحرية"فتمنين أن تعرفي طعمها الحقيقي وتعيشين انسانة حرة من كل القيود تسيرين في الطريق الذي ترسمينه لنفسك وتصنعين من الحياة ما تريدين، ولنظرة الجمال التي اطليتي علينا بها تمنيت أن تحاطي دائما بالجمال فتشبع دائما عيناكي ونفسك بهذا الجمال كما أشبعتنا فشكرا لك

درش
كوكب الأرض يوليو 2005م

4 Comments:

At 23 July, 2005 15:24, Blogger سؤراطة said...

رائعة!
ولا حتى أميرة في قصر ملكي أكثر حظاً من تيا الأميرة الافتراضية التي تابع ولادتها من أحبوها دون حتى أن يربطهم بها عالماً مادياً
حقيقي جميلة جداً يا درش

 
At 24 July, 2005 07:02, Blogger From East to West said...

كلمات كلها امل و دفء و رقة مشاعر. جميل حقاً وجود أصدقاء من عالم افتراضي يجمع بينهم صدق و صفاء المشاعر و الامل
فى غدٍ افضل

.......جميلة جداً جداً

 
At 24 July, 2005 23:28, Blogger Milad said...

This comment has been removed by a blog administrator.

 
At 28 July, 2005 11:40, Blogger ghandy said...

درش
كنت مشغول جداً في الأيام الماضية، لكني عندما قرأت رسالتك شعرت بمنتهى السعادة وبأننا عائلة كبيرة من الباحثين عن الحب والنور والحرية
تملأني الفرحة لأن تيا ولدت في هذا الجو المليء بالحب
وبالمناسبة هي ولدت يوم 17/7 الساعة الرابعة وستة وعشرون دقيقة بعد الظهر
وهو نفس اليوم الذي رأيت فيه أمها لأول مرة قبلها بأحد عشر عاماً
سوف أحتفظ لها بخطابك كي تقرأه (ربما بعد عشرة سنوات وليس عشرين)، وأحب جداً أن ترسله بأي شكل
Format
آخر إن أردت على
ghandy@gmail.com

وشكراً أيها الصديق وأهلاً بكم في أي وقت لزيارة أميرتنا الصغيرة

 

Post a Comment

<< Home