Sunday, August 21, 2005

هي فين الانتخابات

بدأت حملة" الانتخابات" الرئاسية، وشاهدت تعليقات هنا وهناك عليها ولكن هل حقا ينطبق مفهوم الانتخابات على ما يجرى في مصر الآن؟
ان الانتخابات الرئاسية كما أفهمها هي عندما يقوم الشعب باختيار من يتولى منصب الرئاسة، وهو ليس منصبا شرفيا بالرغم مما فيه من شرف، ولكنه وظيفة كبيرة يقوم من يتولاها بتسيير شئون البلاد عن طريق رئاسته للجهاز التنفيذي للدولة وليس رئاسة الشعب نفسه
حتى يقوم الشعب باختيار من يتولى هذا المنصب فان عليه ان يتعرف على من يتقدمون لهذا المنصب للمفاضلة بينهم، فهل حدث أو يحدث هذا؟
- ان ما يحدث الآن هو سيطرة شبه كاملة للجهاز التنفيذي الذي يرأسه الرئيس مبارك على كل أجهزة الدولة التشريعية والاعلامية والمالية وجزء غير قليل من "الجهاز القضائي"
- قامت الأجهزة التشريعية بدورها في صياغة التعديل الدستوري بما ضمن أفضل نتائج ممكنة لحسني مبارك، وضمان عدم ترشيح أي شخص يمكن أن يشكل تهديد حقيقي للرئيس
- قامت الاجهزة الاعلامية وتقوم بدعاية مكثفة على كل الاصعدة للدعاية لحسني مبارك وحجب دعاية المرشحين الاخرين، فمثلا بحسب الوفد فقد احتاج نشر اعلان "طهقنا" في الأهرام إلى محادثة تليفونية لمدة ساعة مع صفوت الشريف لسماح بنشره بينما فشلت كل محاولات عدم "القص" من الافلام الدعائية المفترض اذاعتها على التليفزيون كاعلانات مدفوعة الاجر من الوفد
- ذكر في بعض المواقع انه التزاما بالحياد فان التليفزيون المصري لن يذيع خطاب اعلان مبارك لبرنامجه وعلى هذا الاساس شاهدته على قناة الجزيرة، ولكن بعد انتهاء الخطاب وجدت الخطاب يذاع على (القناة الاولى والفضائية والنايل تي في)!! فلم افهم شيئا، عموما انا اقيم خارج مصر فان كان ذلك قد اذيع فقط على الفضائيات فارجو ان يصحح لي احد المعلومة وان كنت لا زلت لا افهم لما يذاع على الفضائيات
- لا توجد اي رقابة مالية حقيقية على نفقات الدولة فتوجد ميزانية كبيرة لرئاسة الجمهوية اجهل قيمتها (ربما يساعدنا ميلاد في ذلك) لا يوجد عليها اية رقابة عن اوجه انفاقها - وهو أمر لا اعتقد ان له وجود في اية دولة ديمقراطية - فعلى سبيل المثال نشر في الاهرام ان الرئيس خصص 5 ميون جنية من ميزانية الرئاسة للانفاق على اقامة درا اوبرا بدمنهور، ومع اعجابي بالفكرة فهل هذ هو الهدف من تخصيص ميزانية سرية لرئاسة الجمهورية؟ولا هو فاكرها فلوس ابوه بيوزعها زي ما هو عايز
- نفسي اعرف العشرين جنية البتدفع للبلطجية البيضربوا المتظاهرين مسحوبة من انهي ميزانية
- حتى الآن لا يبدو ان هناك ضمانات حقيقية ان الانتخابات لن تمر على اجهزة التزوير قبل الاعلان
في ظل كل هذه القيود التشريعية والمالية والاعلامية من المفترض ان يقوم المرشحين المنافسن لمبارك باستخدام جرائدهم في مخاطبة شعب اغلبه من الاميين ليشرحوا لهم اهمية انتخابهم وليس انتخاب حسني مبارك!! أي هزل هذا
فما الحل؟
الاختيارات المطروحة حاليا ثلاثة:
1- مساندة احد المرشحين المنافسين ومحاولة مساعدته على هزيمة حسني مبارك
2- ابطال الصوت لاعلان رفضنا لكل المرشحين
3- مقاطعة الانتخابات
الاختيار الاول في ظل ما ذكرناه وما هو متوقع من تزوير، بالاضافة الى الخناقات الطفولية بين نور وجمعة، تصبح مهمة شبه مستحيلة في الاتفاق على مرشح وحشد التاييد له والمرور بانتخابات نزيهة
الاختيار الثاني يعني رفض الجميع وتصعيب عملية تزوير أصواتنا، هذا امر مفهوم ولكن لمن سنعلن رسالتنا؟ لمن سيزور الانتخابات؟ وماذا نتوقع حدوثه ان تصبح الاصوات الباطلة اكثر من التي تختار حسني مبارك؟ لا اتوقع ذلك
الاختيار الثالث هل هو نوع من السلبية؟ في المعتاد نعم، ولكن ليست هذه المرة، ان المقاطعة الآن تعلن ان ما يحدث هو مسرحية هزلية وليست انتخابات ، ونحن لا نعترف انها تمثل وجهة رأي الشعب المصري ولا نعتبر ان من ينتج عن هذه الانتخابات هو رئيس شرعي لمصر
وهذه هي المشكلة الرئيسية في الاختيارين الاول والثاني، فاننا اذا وضعنا اصواتنا بالصندوق فاننا سنعطي شرعية لمن تعلن لجنة الانتخابات انه الفائز ويجب علينا عندئذ ان نقبل بالنتيجة ايا كانت والتي نعرف مسبقا ما ستكون عليه
اشد ما يقلقني مما يجرى في الانتخابات، بالرغم من انني ارى الكثير من المميزات لما يحدث، هو ان يتعامل معها الكثيرون على انها نهاية المطاف، هي الصدمة التي ناخذها جميعا لفوز حسني مبارك للمرة الخامسة، وهي النقطة التي يتوقف فيها كل المعارضين لشرعية حكمه عن المعارضة وهي النقطة التي يضرب فيها النظام بقوة القلة التي ستحاول الاستمرار في القول ان هذا الحكم باطل

4 Comments:

At 23 August, 2005 11:12, Blogger ghandy said...


رأيي في اختياراتك الثلاثة: إذا كنا قادرين أن نتفق على شيء ونفعله فهذا معناه أننا قضينا وقت في البحث وتوصلنا لقرار
وأننا قادرين أن نتفق، وأن نحرك آخرين لتأييد قرارنا

وفي هذه الحالة لا أرى أي مشكلة أن ننتخب من نرى أنه أفضل المرشحين لمصلحة مصر

نعم، الإعلام مجحف، ولكننا قادرون أن نتخطى ذلك ونختار بحياد، على الأقل أفضل من آخرين

ولذلك اقتراحي هو أن ننسى قليلاً حاجز التحيز الإعلامي، ونتعامل مع الموضوع بجدية
هننتخب مين؟؟؟ مش علشان نغيظ مبارك، لكن علشان يبقى رئيس جمهورية

 
At 25 August, 2005 11:11, Blogger Darsh-Safsata said...


"لكننا قادرون ان نتخطى ذلك ونختار بحياد"

عفوا غاندي ولكن من تعنيه بـ "نحن"
المدونون، ام مستوى ثقافي معين، ام المصريين؟
لا شك ان هناك الكثيرون القادرون على اختراق الحصار الاعلامي المفروض والوصول الى الحقيقة
ولكن هل هؤلاء هم القادرون على تغيير مسار الانتخابات (مرة أخرى لو كانت الانتخابات نزيهة) ام ان الغالبية العظمى هي الخاضعة للاعلام الحكومي
هل تلاحظ الفرق بين ما يكتب في الاهرام اليومي وبين ما يكتب في الويكلي او الابدو؟
الحكومة لا تهتم بما يقوله المثقفون او ينشرونه او يقراونه لانهم نجحوا في وضع عزلة بينهم وبين الشارع الحقيقي
في احد الحوارات القديمة مع صفوت الشريف قال (القلة المثقفة التي تشاهد قناة الجزيرة) هل تلاحظ التعبير؟؟

بصفة شخصية وانا لست مقتنعا باي من المرشحين ولكنني اعلم اننا لن نحصل ابدا على ملاك لحكم مصر وانه لابد لن يكون بأي شخص مساوئ، وعلى الرغم من البراجماتية الشديدة لايمن نور (كما اشار اليها ابن عبدالعزيز سابقا) وبالرغم من انني اعتقد انه قد باع موقفا مهما لدعم اتجاه للتغيير الحقيقي في مقابل الحصول على مكاسب اعلامية شخصية، الا انني اعتقد انه افضل من يصلح من المرشحين، وقدم افضل البرامج ولو كان المناخ تسوده ديمقراطية حقيقية لكنت انتخبته

لكنني اعتقد ان اهم القضايا الآن هو ان يستطيع المصريين اختيار الرئيس وخلعه، أهم من الشخص الذي يجب ان نختاره، ولكن هذا ليس متاحا الآن

ان الامر الان ليس مجرد اختيار رئيس جديد او تسجيل موقف
هل ترى معي مشكلة الشرعية القائمة؟ الحكم الحالي يحارب لاثبات شرعيته، وما يريده الآن هو ان يذهب الناس للتصويت ولا يهمه ما سيقولون لان النتائج مضمونة ولكن ذهاب الناس للانتخاب هو ما يعطي الحكم شرعيته
لا استطيع ان اذهب للانتخابات، بالرغم من انني لا املك القدرة لوجودي خارج مصر، ولكن جدلا اذا ذهبت للانتخابات فانني اعلن قبولي بنتائجها مع استثناء وحيد هو ثبوت التزوير
ولكنني بغض النظر عن التزوير لا ارى ان الحكم الحالي وما يقوم به هو حكم شرعي، ولابد ان يستمر السعي لاسقاط مبارك سواء اقام انتخابات او استفتاءات او اي شئ

اعتقد ان موقفي سيختلف مع الانتخابات التشريعية، حيث انها لم تصبح قضية شرعية هناك حيث تم تحويل مجلس الشعب إلى اداة ادارية في يد الدولة، وعملية انجاح المعارضين يمكن ان تنجح في بعض الدوائر وتؤدي الى ارتفاع اصوات المعارضة

 
At 26 August, 2005 18:30, Blogger ghandy said...


درش
لا أستطيع أن أختلف مع ما تقول
1. نعم، نحن قلة وتأثيرنا هامشي
2. فوز مبارك بالانتخابات يعطيه شرعية

لكنني أبقى مُصِّراً على مبدأ المشاركة الإيجابية، لأن شرعية 95% تختلف عن شرعية 65%، ولأننا نتعلم كيف تُلعب هذه اللعبة، ولأننا نحتاج أن نعرف الحجم الحقيقي للمعارضة في مصر، ولأن واجبنا أن نجعل تزوير الانتخابات - إن كانوا ينوونه - عملية صعبة ومملة ومطلوبة في كل لجنة، ولأن انتخابات الرئاسة هي بروفة لانتخابات مجلس الشعب التي أعتبرها التغيير الحقيقي

ولأننا لو لم نذهب، لن نقلل من شرعية ما يحدث، ولن نتعلم، ولن نفهم، وسنجعل دنياهم أسهل كثيراً، وسيظل موقفنا ضعيفاً في الانتخابات القادمة والتي تليها

على مستوى شخصي، أتعجب من فرط إيماني بالمشاركة الإيجابية في قضية خاسرة. عليَّ أن أبحث عن رسالةً ما من رسائل طفولتي، تفسر هذا الحماس المستمر
:)

 
At 28 August, 2005 10:17, Blogger Darsh-Safsata said...


اعتدت ان اكون من المنادين بالتعامل الايجابي مع الاحداث السياسية حتى انني كنت دائما ما احاول اقناع من حولي بالمشاركة في الانتخابات بل وحتى في استفتاءات رئاسة الجمهورية :) وعندما كنت اذهب للجنة الاستفتاء كنت اشعر ان مسئولين اللجنة في حالة اندهاش لرؤسة انسان يدخل عندهم، فهي من اللجان التي لا يتحرك المسجلين بها بسهولة
ولكن هذه المرة لا اعتبر ان المقاطعة هي عمل "سلبي" ولا اعتبر ان من قاطعوا استفتاء تعديل الدستور وتعرضوا لما تعرضوا له يوم الابعاء الاسود هم سلبيين
اما عن انسب فانه ان حصل مبارك على 95% من نسبة مشاركة 20% اعتقد ان ذلك يعطيه شرعية اقل بكثير من حصوله على 65% من نسبة مشاركة 50% بل ان هذه الاخيرة تصبح شرعية حقيقية

انتخابات مجلس الشعب اعتبرها معركة مهمة ولكنها ليست المعركة الحقيقية ، المعركة الحقيقية هي في عملية اسقاط مبارك التي بدات واتمنى ألا تتوقف، أعلم إنه حلم صعب، ولكنني أعلم أيضا انه مهما كانت نتائج مجلس الشعب فستظل السيطرة للحزب الوطني وبالتالي سيظل المجلس عبارة عن مجموعة تابعين لحسني مبارك ومجموعة من المعارضة لا تأثير حقيقي لها على مسار التغيير

 

Post a Comment

<< Home