Saturday, June 11, 2005

العهد الجديد

أخيرا تحرك الشعب المصري وهو التحرك الذي انتظرناه طويلا وكان من الصعب حدوثه مع سياسات التجهيل والتعتيم والقمع التي مورست ضده طوال الخمسين عاما الماضية، ولكن نجح البعض وأعترف انهم قلة في كسر الحلقة المفرغة التي كنا ندور بها ولكن هذه القلة تكتسب ارضا جديدة يوما بعد يوم وهو ما يستحق ان نتضامن كلنا كل بما يستطيع للمساهمة في تغيير الفساد والدكتاتورية التي حكمتنا طوال هذه السنوات الطويلة، ويطلب الكثيرين من المعارضة الاتفاق على برنامج جديد يوحد الشعب ويضئ شعاع الامل ، وعلى أهمية هذا المشروع الا ان هناك اجماع كبير على ان اهم ما في هذه المرحلة هو تحويل النظام الى الديمقراطية لنتضامن معا لاسقاط الحكم الحالي ومتى فعلنا ذلك امتلكنا القدرة على تغيير اية حكومة تالية وبالتالي نكون قد بدانا فعلا في العصر الديمقراطي ونبدأ في دراسة باقي قضايانا الواحدة تلو الاخرى فمهما كان من سياتي الان لن يمتلك العصا السحرية لتغيير الاوضاع ليس فقط لعدم وجود مثل هذه العصا ولكن أيضا لان من اهم اثار عصر التجيل والتعتيم والقمع هو انه لم يسمح لاي من القوى الوطنية ومراكز الدراسات ان تقوم بما يجب عليها من دراسة مشاكلنا دراسة علمية ووضع خطط الحلول لذا فنحن نعلم مسبقا ان من سيتولى الحكم في المرحلة الحالية لن يكتب له النجاح في كثير من المشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي نعاني منها، ونحن لا نملك ان نعترض على ذلك حيث انها قواعد انشاء وادارة المجتمعات التي لا نملك امامها الكثير لنقوم به

وفي ظل الاوضاع الحالية التي نمر بها من المتوقع (او على الاقل هو الاحتمال الاكبر) انه اذا بدأنا في عصر ديمقراطي حقيقي فان التيار الاسلامي السياسي هو من سيتولى الحكم (او على الاقل سيكون المشارك الاكبر في اي ائتلاف) وذلك نظرا لما اسميه "الاقلية المنظمة" التي هي واقع قائم في مجتمعنا ولا يمكننا انكار ذلك، وايمانا بالديمقراطية لا يمكنني ان اعترض على ذلك وان كنت كما ذكرت انني لا اتوقع منهم حلا حقيقيا لمشاكلنا ليس فقط لعيب فيهم ولكن لانعدام العصا التي تحدثنا عنها سابقا، وليس امامنا الا انتظار عدد من المراحل لنصل بمصر الى حيث نريد لها كلنا ان تكون

ولكن ما يعنيني الان هو ان التيار السياسي الاسلامي سيقوم بعدد من التغييرات في المجتمع مستغلا اغلبيته وهذه التغييرات قد تقودنا جميعنا الى التراجع عدد كبير من الخطوات الى الخلف، واستخدام الاغلبية هو اهم سلبيات الديمقراطية حيث انها تؤدي الى ما يسمى بدكتاتورية الاغلبية، حيث تقوم الفئة الحاكمة بانتهاك حقوق المواطنين بل والمجتمع كله وذلك بموافقة ديمقراطية من اغلبية المجتمع، ونحن نذكر ان هتلر وصل الى الحكم بانتخابات ديمقراطية ثم قام بعد ذلك بالغاء الديمقراطية وتدمير الدولة، وكذلك عبدالناصر كان سيحصل على اغلبية حقيقية في الاستفتاءات التي يقوم بها دون تزوير (حتى وان لم تكن تلك الاغلبية ا99.999% ) وقد استغل الاغلبية لالغاء الديمقراطية، لذا فان الضروري القيام به في المرحلة الحالية هو العمل باقوى ما نستطيع لنشر المبادئ الاساسية التي تحول دون وقوع الشعب في هذا الفخ مرة اخرى، واكثر ما اخشاه في ظل حكم التيار السياسي الاسلامي هو ان يحدث ما يلي: ا
أولا: تحويل المسيحيين من شركاء الوطن الى مواطنين من الدرجة الثانية
ثانياً: تحويل المرأة من انسان الى عورة (جسدها وصوتها ورائحتها وملمسها ووصلت بالبعض الى مكان جلوسها)
ثالثاً: الغاء حرية الرأي وهذه المرة سوف تستخدم العبارات الدينية (الكفر، افساد الامة، الخ ...) ضد اي افكار مختلفة
رابعاً: استمرار استخدام اجهزة الاعلام كبوق للنظام الحاكم واهمال كل الاتجاهات الاخرى
خامساً: اضعاف الابداع الفني والعلمي والبحثي بوضع معايير ضيقة لما هو مسموح او غير مسموح

سوف اقدم بعض الامثلة عن هذه المواضيع في نص منفصل نظرا لكثرتها، ثم يتعين علينا جميعا البحث عن الوسائل الممكنة للحيلولة دون وقوع ذلك حيث انني اعتقد اننا ان لم نتحرك الان فانه قد يكون الوقت متاخرا جدا. حيث ان العمل على منع حدوث ذلك هو الذي يضمن لنا امكانية التحرك السلمي الهادئ نحو الحياة الجديدة التي نشتاق اليها، ولكن الوصول الى ذلك يحتاج من المصريين ان يراجعوا العهد غير الموقع الموجود بيننا جميعا وهو ما يسمح لكل انسان ان يحصل على حريته الحقيقية ويساهم باقصى ما يستطيع في تطوير وطننا بالاسلوب الذي يراه هو مناسبا وعلى الاغلبية بعد ذلك ان تختار الطريق الذي نسير به وعلى الجميع الالتزام بالخضوع للجماعة طالما ان ذلك ليس به جورا على احد ، لذا اعتقد اننا في هذه المرحلة في امس الحاجة الى عهد جديد نفهمه ونقتنع به قبل ان نكتبه ونوقع عليه

0 Comments:

Post a Comment

<< Home